كينج كونج!

زائر

كينج كونج!

أتذكر كينج كونج كلما رأيت عمرو زكي يصول ويجول في ملاعب إنجلترا.

كينج كونج شخصية أسطورية قدمتها السينما العالمية ثلاث مرات وعرضتها قنوات التليفزيون في عدد ضخم من المسلسلات منذ ثلاثينات القرن الماضي.

هو كائن شديد القوة والسيطرة في إحدى الجزر التي تنشط فيها حياة غير بشرية في المحيط الهندي إلى أن تكتشفه بعثة سينمائية تصور فيلما على هذه الجزيرة، ويأخذوه معهم إلى نيويورك حيث ينبهر به سكانها وهو يقدم عروضه السحرية.

وعلى الرغم من الشعبية الكبيرة والأضواء المسلطة على كونج في أكثر بلاد العالم تحضرا، فإنه لم يستطع الانسجام تماما مع الحياة في المدينة الضخمة مقارنة بتلك البسيطة التي كان يعيشها في جزيرته الخاصة.

لا أزعم أن زكي لا يتأقلم مع الحياة في الدوري الإنجليزي الذي يشبه بصخبه وأضوائه واستثماراته شوارع نيويورك مقارنة بالدوري المصري الذي لا يتعدى "شارع جانبي" .. ولكن التوقعات التي يبنيها كثيرون عليه تهدد إمكانية وصوله إلى أهدافه الأساسية.

والهدف الأساسي من اللعب في الدوري الإنجليزي للمرة الأولى هو التطور كلاعب كرة، والتعود على ثقافة مختلفة، والانصهار التام في منظومة الفريق، والانصياع الكامل لمدير فني دارس ومتعلم.

ولكن زكي، بروحه الرافضة للهزيمة والتي نعرفها حق المعرفة في مصر ومهاراته العالية وقوته البدنية، يتصدر الآن لائحة هدافي الدوري الإنجليزي، مثيرا إعجاب زملائه والإعلام والفرق المنافسة على حد سواء.

أن يكون هدافا للدوري الإنجليزي بعد مرور ست مباريات فقط على حضوره هو أمر رائع وأسطوري وربما لا يتكرر مع أي لاعب آخر قريبا، إلا أنه يضع على عاتق زكي مسؤوليات أشفق عليه من تحملها.

فكثيرون في مصر وآخرون في إنجلترا بدأوا يراهنوا منذ الآن على تتويج زكي هدافا للدوري الإنجليزي، ولكن هل يعلم هؤلاء صعوبة تصدر لائحة الهدافين إذا كنت لا تلعب لأحد الأندية الأربعة الكبار؟ وهل تدرك صعوبة المسؤولية إذا كنت تمثل ناديا يصارع للبقاء في المسابقة؟

التسجيل بمعدل هدف في المباراة يعطي نسبة نجاح غير مألوفة ولكن توقع استمرارها مع حلول شتاء إنجلترا القارص، وتقدم المسابقة وازدياد شراسة المنافسين إما بسبب الصراع على اللقب أو الابتعاد عن الهبوط أمر غاية في الصعوبة.


	أن يكون هدافا للدوري الإنجليزي بعد مرور ست مباريات فقط على حضوره هو أمر رائع وأسطوري وربما لا يتكرر مع أي لاعب آخر قريبا، إلا أنه يضع على عاتق زكي مسؤوليات أشفق عليه من تحملها

سؤال آخر: هل يضع هؤلاء في أذهانهم أن اللعب بحرية والتسديد من أي مكان والتفوق على رقيبك يكون أسهل كثيرا إذا كنت وجها غير مألوف وتتضاعف صعوبته مع كل هدف تسجله أو لقاء تتألق فيه؟

زكي حضر إلى إنجلترا وحشا غير معروف من القارة الإفريقية البعيدة، واستطاع تحقيق نتائج مبهرة في أول ظهور له على الجماهير المترقبة، ولكنه لم يصل بعد إلى مرتبة تمكنه من مقارعة لاعبين كبروا وترعروا في ظل نظام احترافي سليم وأجواء ساعدتهم على التعلم والتطور.

ولكنني مطمئن إلى قدرة زكي على تجنب هذا الفخ بسبب أمرين: الأول هو مدربه المخضرم ستيف بروس، والثاني هو رؤية اللاعب نفسه لوضعه في إنجلترا وتركيزه على تحقيق أهدافه الأساسية السابق ذكرها.

فالمدير الفني يحاول تذكير الناس دائما في ثنايا حديثه بأن زكي لا يزال أمامه الكثير ليتعلمه من دون إبخاس حق نجمه الجديد في الحصول على الإشادة التي يستحقها في كل مباراة.

تابع كلام بروس جيدا وهو يؤكد أن "زكي لا يزال يؤدي بالأسلوب الذي تعود عليه في إفريقيا .. وأنه في بعض الأحيان يرتكب أخطاء بدائية .. وأنه يفقد الكرة لا سبب أحيانا" ولكن في ثنايا حديثه عن مزايا "الأسد الجديد".

بروس لا يهدف من هذه العبارات إحباط زكي أو التقليل من شأنه، ولكنه يحرص ضمن الإشادات المتتالية به أن يذكره أن عليه التعلم والتطور لأن تألقه ليس نهاية المطاف.

الأمر الثاني الذي يبعث على الاطمئنان هو رؤية زكي نفسه للموقف. فالحديث مع اللاعب أو مدير أعماله محمد سعيد يكشف بوضوح أن الاثنين يدركان جيدا أن المشوار لا يزال طويلا.

وتجد منهما كلاما واحدا حينما تسأل عن تألق زكي في الدوري الإنجليزي "عمرو لم يحقق شيئا مما يرغب فيه بعد، والتسجيل في أول مباريات الفريق لا يعني أنه وصل إلى المستوى الذي يطمح إليه".

لا نريد أحدا أن يحمل زكي أكثر من طاقته لأننا لا نريد لنجاحه أن يكون على طريقة كينج كونج: سريع ومبهر ولكنه ينتهي في لحظة. نريده نجاحا يتحقق خطوة بخطوة حتى يكون مستمرا ومتزايدا.

ومن يدري، ربما نجد زكي هدافا لأوروبا أو منافسا على لقب أفضل لاعب في العالم مثل جورج ويا أو عبيدي بيليه .. ولكن ليس هذا الموسم.

ميرسي اوي على الموضوع الرائع ونتمنى منك مزيد من المساهمات وليس فقط في قسم الرياضة ولكن في جميع أقسام المنتدى