تقرير : حسام ابراهيم -
فى ذروة ابداع مصرى خالص على المستطيل الأخضر يتردد بفخر الإنجاز وشرعية الانتماء ومصداقية الأرقام وحقائق الانتصار وفرحة كل المصريين اسم حسن شحاتة باعتباره المدير الفنى لمنتخب الفراعنة الذى حفر اسم هذا الفريق بأحرف من ذهب فى سجل المجد وكتب الأرقام القياسية كما بات مؤهلا لدخول قائمة أعظم مدربى العالم بعد أن فاز المنتخب الذى يدربه مساء أمس ببطولة كأس أمم أفريقيا فى نسختها السابعة والعشرين .
وجاء فوز منتخب مصر بهدف واحد على منتخب غانا فى المباراة النهائية للعرس الكروى الافريقى بانجولا ليفسح السبيل لسيل من الكتابات فى الصحافة ووسائل الاعلام العالمية ووكالات الانباء الدولية عن حسن شحاتة المدير الفنى لمنتخب الفراعنة وصاحب الإنجاز الذى لم يحققه اى منتخب على مستوى العالم .. فلم يسبق أبدا أن تمكن اى منتخب وطنى فى اى قارة من الفوز بكأس البطولة القارية للمرة الثالثة على التوالى وللمرة السابعة فى تاريخه وأن يحقق ايضا المزيد من الأرقام القياسية الأمر الذى يحق معه أن تفتح سجلات أعظم المدربين فى العالم صفحاتها لاسم المدرب المصرى حسن شحاتة الذى قاد منتخبه الوطنى لهذا الانجاز غير المسبوق على مستوى العالم وليست القارة السمراء وحدها.
ومع متغيرات النتائج فى البطولات والمباريات تتغير بالضرورة هذه القوائم التى تحويها كتب وكتابات تصدر تباعا فى عالم الساحرة المستديرة غير أن هناك اتفاقا فى الرأى الى حد كبير على أن قائمة المدربين العظام فى العالم تضم اسماء كروية شامخة وراسخة وصاحبة انجازات فذة مثل السير اليكس فيرجسون وبوبى روبسون وآلف رامزى وكلاهما حمل ايضا فى بريطانيا لقب "سير" والبرازيلى ماريو زاجالو والهولنديان يوهان كرويف وجوس هيدنيك والالمانيان سيب هيربيرجر وفرانز بيكنباور والايطالى مارتشيلو ليبى ومواطنيه كارلو انشلوتى و فابيو كابيلو والفرنسى ارسين فينجر والهولندى غوس هيدينك والأرجنتينى كارلوس بيانكى والاسبانى بيب جوارديولا .
وفى تصريحات عقب الانجاز التاريخى لمنتخب الفراعنة مساء أمس-أوضح حسن شحاتة أحد أهم أسباب تميزه ونجاحه المبهر بقوله:"اننى اركز على عملى فحسب..اذا التفت هنا وهناك لما يقال حولك فانك لن تعمل او تحقق اى شىء".
وقال الصربى ميلان راييفاتش المدير الفنى لمنتخب غانا الملقب "بالنجوم السوداء" ان نقص خبرة لاعبيه كان له الدور الكبير فى هزيمتهم وخسارتهم للبطولة الافريقية الكبيرة فى نسختها السابعة والعشرين مشيرا الى أن فريقه ضيع عدة فرص للتهديف فيما تجلت الروح الرياضية المصرية فى تصريح لشوقى غريب مدرب منتخب الفراعنة والذى يوصف بأنه "الذراع اليمنى" لحسن شحاتة وجاء فيه :اننى أريد أن أهنئ منتخب غانا على الاداء الجيد فى هذه المباراة" .
ولأن حسن شحاتة لم يعرف أبدا كمدير فنى لمنتخب الفراعنة اى تحيزات أو أهواء سوى الوقوع فى هوى مصر واختيار الافضل لتمثيلها على المستطيل الأخضر-فلم يكن من الغريب أن يكون استاد لواندا بتصميمه الصينى على موعد مع مزيد من الامجاد المصرية ..وأن يشهد هذا الاستاد الذى يسع ل50 الف متفرج تتويج كابتن منتخب الفراعنة أحمد حسن بلقب أفضل لاعب فى البطولة للمرة الثانية على التوالى فيما كان عصام الحضرى أفضل حارس مرمى فى أفريقيا بينما فاز اللاعب احمد فتحى بكأس اللعب النظيف لفريق يدربه رجل حفر اسمه بأحرف من ذهب فى سجلات المجد التى تضم اعظم مدربى العالم.
وفى مواجهة المدرب الصربى ميلان راييفاتش الذى يتولى تدريب منتخب غانا-كتب حسن شحاتة كلمة النصر للمدرب الوطنى الذى قاد منتخبه الوطنى فى مجابهة اتسمت بالندية مع فريق شاب وقوى وصاحب انطلاقات خطيرة ويتميز بالسرعة واللياقة البدنية العالية فيما لمع أغلب لاعبى هذا المنتخب فى مونديال الشباب الأخير الذى استضافته أرض الكنانة فى العام الماضى واستحق اعجاب المصريين بعد أن فاز على شباب البرازيل وانتزع البطولة.
وفى تصريحاته عقب فوز منتخب الفراعنة بكأس امم افريقيا-نوه حسن شحاتة بأهمية منح مزيد من الفرص للمدربين الوطنيين فى الدول العربية لاثبات كفاءتهم معتبرا أن الانجاز التاريخى لمنتخب مصر هو انتصار للكرة العربية كلها كما أن هذا الانجاز يعوض المصريين عن عدم وصولهم لنهائيات كأس العالم رغم أن هذا المنتخب انتصر فى البطولة الافريقية على اربعة منتخبات تأهلت لنهائيات مونديال جنوب افريقيا-2010.
وبعد انتصاراته المتتالية فى البطولة الافريقية على منتخبات نيجيريا والكاميرون والجزائر وغانا وهى المنتخبات الافريقية الأربعة التى تأهلت للمونديال- اتفقت وسائل الاعلام العالمية ووكالات الانباء الدولية على أن منتخب الفراعنة الذى يدربه المدير الفنى حسن شحاتة ومساعده المدرب شوقى غريب أكد أحقيته باللقب القارى بقدر مابرهن على انه كان جديرا بخوض مباريات مونديال جنوب افريقيا-2010 التى حرم منها بسبب ملابسات غير طبيعية فى مباراة الحسم يوم الثامن عشر من شهر نوفمبر الماضى مع الاشقاء الجزائريين.
ومن حين لأخر-تضع مواقع الكترونية ومجلات وصحف رياضية متخصصة قوائم بأسماء أعظم عشرة مدربين سواء على مستوى العالم أو فى تاريخ بلد ما مثلما فعلت "ميرور فوتبول" فى قائمة "اعظم عشرة مدربين فى تاريخ بريطانيا" والتى ضمت السير اليكس فيرجسون ابن اسكوتلاندا والمدرب الاسطورى لفريق مانشستر يونايتد وبريان كلوف الذى تولى تدريب فرق اندية عريقة مثل توتنهام ودربى كاونتى وليدز يونايتد وبيل شانكلى مدرب ليفربول الذى يوصف بدوره بأنه "اسطورى" فضلا عن السير مات بازبى .
كما تضم القائمة السير آالف رامزى مدرب منتخب انجلترا الفائز بكأس العالم عام 1966 وبوب بيزلى والسير بوبى روبسون الذى عرفه المستطيل الأخضر لاعبا موهوبا ثم خبرة كمدرب عظيم وهيربرت تشابمان الذى تولى تدريب الارسنال لعقد كامل وبيل نيكولسون افضل مدربى توتنهام هوتسبير وجوك ستاين الذى حصل على أول كأس اوروبية لفريق سيلتيك الاسكوتلاندى.
واذا كان حسن شحاتة- شأنه شأن بوبى روبسون-عرفه المستطيل الأخضر كلاعب موهوب ثم كمدرب عظيم فان كل لاعب موهوب ليس بالضرورة مدربا عظيما وهو مايتجلى على سبيل المثال فى حالة اسطورة الكرة البرازيلية بيليه فيما يعدالأرجنتينى مارادونا مثالا للاعب الكرة الموهوب الذى يثير العواصف والانتقادات ويتسبب فى اخفاقات عندما يتحول الى مدرب.
ومن مفارقات المباراة النهائية لبطولة كأس أمم افريقيا فى نسختها السابعة والعشرين أن منتخبى مصر وغانا معا اقرب للذائقة الكروية البرازيلية وأساليب ومهارات "راقصى السامبا".
وفيما تعرف الكرة البرازيلية بالمهارات الفنية العالية للاعبين ووعيهم التكتيكى المميز كما تجلى فى لاعبين كبار مثل بيليه وجارينشا وروبيرتو كارلوس ورونالدو ورونالدينو وكاكا وروبينو فان العديد من الكتابات والكتب تصدر تباعا للتعرف على خبايا عالم التدريب فى الكرة البرازيلية واسرار التفوق الكروى لهذا البلد.
ومن بين الكتب الجديدة فى هذا السياق كتاب من جزئين وضعه المدرب البرازيلى فينيسيوس دو سانتوس بعنوان مباشر هو "التدريب فى الكرة البرازيلية" غير ان المؤلف الذى تولى تدريب فرق عدة اندية برازيلية قبل أن يتوجه للولايات المتحدة لتدريب فريق نادى "سيرينو" فى اريزونا حرص على تقديم خبرات مفيدة ونقل صورة أمينة مشفوعة برسوم بيانية وصور لما يحدث فى مدارس واكاديميات الكرة البرازيلية.
واذا كان أحمد حسن كابتن منتخب مصر قد أشار فى تصريحاته للصحفيين مساء أمس فى لواندا الى انه كان هناك ضغط شديد من اللاعبين الغانيين على خط وسط الفراعنة الذين تفوقوا فى النهاية بخبرتهم فمن الطريف والمثير للتأمل أن المدرب البرازيلى فينيسيوس دو سانتوس خصص كتابا بالكامل لمنطقة خط الوسط فى المستطيل الاخضر باعتبار أن الفريق الذى يمتلك هذه المنطقة يحقق الفوز فيما تفتقر المكتبة العربية بشدة لهذا النوع من الكتب التى وضعها مدربون خلافا لواقع الحال على مستوى المشهد الكروى العالمى.
ولعل كرة القدم المصرية التى شهدت انجازات غير مسبوقة هى المؤهلة لتقديم خبرات مكتوبة باللغة العربية فى عالم التدريب لمدربين عظام فى مقدمتهم "المعلم حسن شحاتة" لتكون وثيقة باقية للأجيال حول سبل تحقيق النصر على المستطيل الأخضر.
وفى طرح عنوانه :"كيف يتحول المدرب الجيد الى مدرب عظيم"-يستعرض لاعب كرة استرالى يدعى توماس كاراباستوس تجربته فى الملاعب مع المدربين الذين تعاقبوا على تدريب فريقه بأفكارهم وشخصياتهم واساليبهم المختلفة موضحا ان اى مدرب جيد لابد وان يتمتع من منظور اللاعب بشخصية قوية مع طيبة قلب وسلوك مستقيم ومهارات قيادية وقدرة على الشرح وتوصيل الافكار فضلا عن ادراك رفيع للتكتيكات مع رؤية شاملة.
واذا كان ذلك هو المدرب الجيد من وجهة نظر لاعب كرة قدم فان المدرب العظيم هو الذى يتجاوز هذا السقف "ليرتبط ببساطة ودون رطانة أو ترويع وتخويف عبر سجايا وقدرات خاصة وملكات شخصية بحبل سرى مع كل لاعب فى فريقه ولغة بالغة الخصوصية يتحول معها هذا الفريق على تعدد شخصيات اللاعبين الى عائلة تتوحد على حب فريقها ووطنها ".
ومن ثم فان هناك العديد من المدربين الذين يمكن وصف كل منهم بأنه "مدرب جيد" غير ان "المدرب العظيم" نادر بالضرورة لأن مسألة "السجايا والقدرات الخاصة والملكات الشخصية ليست متاحة على المشاع" وهو مايبدو واضحا فى حالة مدرب عظيم مثل "المعلم حسن شحاتة" الذى تمكن بالفعل من "الارتباط بحبل سرى مع كل لاعب فى فريقه بقدر مانجح فى صنع تلك اللغة البالغة الخصوصية التى تحول معها منتخب الفراعنة الى عائلة توحدت على حب فريقها ووطنها".
فالمدرب العظيم- كما يقول هذا اللاعب فى شهادته القائمة على تجربته الخاصة فى المستطيل الأخضر-هو الذى يعرف كيف يستخرج من كل لاعب أفضل مالديه اثناء المباراة وهذه المعرفة لاتتأتى الا عبر جهد جهيد وحب كبير يكاد يتحول معه المدرب العظيم الى "اب ثان لكل لاعب فى فريقه " ويكاد مايقوله هذا اللاعب الاسترالى يتطابف مايقوله لاعب مصرى مثل الفتى الذهبى محمد زيدان عن حسن شحاتة حيث يصفه بأنه "بمثابة الأب لكننا نمزح معه ونحبه بشدة وهو قريب منا للغاية" .
وقال أحمد حسن كابتن منتخب الفراعنة عقب الفوز أمس على منتخب النجوم السوداء:"ان المنتخب المصرى يضم مجموعة متميزة من اللاعبين مع جهاز فنى على مستوى عال اضافة الى مشاعر الحب التى تسود بين الجميع".
وبادراك واع- يعلى حسن شحاتة من اهمية الالتزام الايمانى والاخلاقى للاعبيه وهو أمر خليق بالثناء خلافا لما ذهبت له قلة من اصحاب التنظيرات المتعسفة والتأويلات المغرضة التى تنسى او تتناسى ان البعد الايمانى والاخلاقى مكون أساسى فى هوية مصر .
وحتى فى بريطانيا على سبيل المثال فان مستقبل اللاعب جون تيرى ككابتن لفريق انجلترا بات مهددا جراء علاقة نسائية غير لائقة فيما اكدت صحيفة صنداى تلجراف أن فابيو كابيلو المدرب الايطالى الجنسية لمنتخب انجلترا واحد اشهر المدربين على مستوى العالم بصدد اتخاذ قرار بشأن استمرار هذا اللاعب ككابتن للمنتخب الانجليزى بعد أن دخل تيرى المتزوج والأب لتوأم عمرهما ثلاث سنوات فى علاقة غرامية مع صديقة زميله اللاعب واين بريدج.
ولئن كان المنتخب الوطنى المصرى هو صاحب أقوى هجوم فى القارة السمراء برصيد 15 هدفا فى البطولة الافريقية التى احتضنها أنجولا فقد دخل مرماه هدفان فقط على مدى ست مباريات مايجعل دفاعه شأنه شأن هجومه الأقوى على الاطلاق فى البطولة بينما يبدو محمد ناجى "جدو" ابن "حوش عيسى" فى محافظة البحيرة ولاعب الاتحاد السكندرى وهداف كأس امم افريقيا فى أول ظهور على المستوى القارى لهذا الفتى المصرى بشيرا بجيل جديد من اللاعبين المصريين الموهوبين ليحتفظ براية النصر لمصر بعد أن يتسلمها عالية من جيل عصام الحضرى وأحمد حسن ووائل جمعة الذى حقق بقيادة المعلم حسن شحاتة "ابن كفر الدوار" انجازات غير مسبوقة.
ويبلغ عصام الحضرى حارس مرمى مصر وافضل الحراس الافارقة من العمر 37 عاما ليكون اكبر اللاعبين سنا فى البطولة السابعة والعشرين لكأس الأمم الافريقية فيما يبلغ عمر أحمد حسن كابتن منتخب مصر 34 عاما مثل زميله وائل جمعة المدافع الجسور لمنتخب الفراعنة.
ويعد أحمد حسن هو اللاعب الافريقى الوحيد الذى خاض اربع نهائيات لكأس أمم أفريقيا ضمن المنتخب الوطنى لبلاده وذلك فى اعوام 1998 و2006 و2008 و2010 فيما كانت مباراته امس مع منتخب غانا هى المباراة الدولية172 لهذا اللاعب المصرى الذى بات رمزا لجيل بأكمله قاده مدرب وطنى يرتبط مع كل لاعب من لاعبيه "بحبل سرى".
وكان الكاتب والناقد الرياضى حسن المستكاوى قد نوه بأنه :عندما يقول المدرب الصربى القدير بورا ميلوتينوفيتش أن المنتخب المصرى افضل المنتخبات فى البطولة الأفريقية السابعة والعشرين فعلينا أن نفكر فى ذلك وعلى الجميع أن يحترموا رأى الرجل الذى درب خمسة منتخبات فى نهائيات كأس العالم وهى المكسيك وكوستاريكا ونيجيريا والولايات المتحدة والصين.. فالمعنى أن كرة القدم المصرية هى الافضل فى القارة الافريقية.
وفيما أضفى الحضور الانثوى المتألق المزيد من البهجة فى "الليلة الكبيرة للفرح المصرى ببطولة العرس الكروى الافريقى" ورفعت الجميلات اعلام مصر المنتصرة فى كل ربوعها السعيدة-تشيد الطالبة الجامعية ياسمين مراد بالدور الكبير لحسن شحاتة فى صنع هذه الفرحة وتقول :"هذا الرجل احبه واحترمه..انه يستحق كل الحب لأنه يحب مصر ويسعد المصريين".
نعم أنها رحلة حب لمبدع من أرض الكنانة على المستطيل الأخضر لاعبا ومدربا.. رحلة رجل تحت علم مصر..باخلاصه لوطنه بات مؤهلا لدخول كتب وسجلات الأرقام القياسية فى عالم الساحرة المستديرة كأحد اعظم مدربى الكرة فى العالم..انه حسن شحاتة احد ابناء مصر وقبس من روحها الخالدة.